بقلم الشاعر المبدع / معز ماني

اختناق ...

تنفّسوا لا تخش شيئا يا رفاق

فالهواء لدينا معقّم بالاختناق

والشمس رغم تلوث الأفق تضحك

كإعلان معجون أسنان 

على الإسفلت الحراق ..

قال الطبيب تنفّسوا بعمق

فالهواء الجديد غنيّ بالأملاح

ضحكت حتى سعل صدري قائلا

وهل الملح في الرئتين علاج ؟ ..

صارت المدينة مصنعا للتنفّس الاصطناعيّ

والمارة يبيعون الأوكسجين على الأرصفة

والسّحب تعطّر السماء برائحة الغاز الطّبيعيّ

حتى الطيور تهاجر بكمّامات

مرخّصة من وزارة الخداع الجويّ ..

يقول الوزير في مؤتمر الهواء النظيف

نحن بخير ..

فالمواطن يتنفّس بسلام

داخل حدود الوطن ..

ثمّ يعطس فيصفّق الحاضرون بحرارة ..

حتى الأنهار اختنقت ..

تتثاءب بالسموم وتغنّي بالطحالب

بينما تكرّم المصانع 

بجائزة المسؤولية المستدامة

ويمنح البحر شهادة تقدير

لصبره على النفايات الوطنيّة ..

حتى الورد صار مقاوما للتسمّم

يتفتح في المقابر فقط

ويقال في الحقول ..

انخفض الإزهار لكنّ أرباح البذور ارتفعت ..

القطط تموء بسعال مستمرّ

والكلاب تنبح بصوت صفّارات الإنذار

والعصافير تغرّد ببيان رسميّ

صادر عن وزارة الطيران الكئيب ..

تحدّث رجل من اللجنة الوطنيّة للتنقية

المشكلة ليست في الهواء ..

بل في الرئتين التي لا تواكب التطوّر

فصفّق الجميع إلى أن أغمي 

على آخرهم من شدّة الانسجام ..

حتى العشّاق في الحدائق يتهامسون كموتى

أحبّك لكن دعينا نخفّض نفسنا

فالحبّ قابل للاشتعال ..

وفي بيان صادر عن وزارة الاختناق

نبشّر المواطنين الأعزّاء

أنّ مستوى الغازات السامة 

في تراجع ملحوظ ..

بسبب قلّة عدد المواطنين

ونؤكّد أنّ كلّ من مات مختنقا

يعتبر شهيدا في سبيل 

النموّ الصناعيّ المستدام ..

وحين نعلن يوم الأرض العالميّ

نعلّق اللافتات على النفايات

مكتوب عليها ..

ازرع شجرة إن استطعت النجاة ...

                                     بقلم : معز ماني . تونس .