بقلم الشاعر والأديب المبدع / عماد سالم أبو العطا

سؤال بلا إجابة

سؤال يتردد في أعماق الروح يحمل في صمته كُل الصرخات التي لم تجد طريقها إلى النور
كيف ستكون أيامنا بعد هذا الدمار الذي تركنا بلا ملامح؟
كيف لنا أن نعيش بين أنقاض الأماكن التي كُنا نحلم فيها بالأمان؟
كيف نمضي في طرق فقدنا كل معالمها وكل ما كنا نؤمن به؟
كيف لامرأة أن تعيش بعد أن فقدت من كان سندها؟
كيف يمكن لقلبها أن ينبض وقد اختفى ذلك الأمان 
وكيف لأم أن تستمر بعد أن ضاع طفلها؟ 
كأن قلبها انطفأ في لحظة وتركها تحمل أثقال الحزن وحدها بلا شريك وبلا ملجأ
أين تجد هؤلاء النساء وأولئك الأمهات الملاذ؟ 
من يمنحهن الأمان بعد أن دُمرت كل صور الأمان؟
كيف ستكون الأيام بعد هذا الدمار الذي حل علينا؟ 
أين كانت السماء حين انهار كل شيء؟ 
أصوات المدينة اختفت كأنها لم تكن 
الشوارع التي كانت تعج بالحياة صارت هادئة كالقبور
أين ذهبت ضحكات الأطفال التي كانت تملأ الطرقات؟
كيف انطفأت شموع أحلامهم قبل أن تكتمل؟ 
مدارسهم دُمرت لكن من يُرمم أرواحهم؟
دفاترهم امتلأت بالغبار بدلاً من الكلمات
وألعابهم صارت ذكرى على أرصفة الشوارع 
تحت ركام اليأس دُفنت أحلام شبابنا فمن كان يحلم بالجامعة وجد فيها نهاية أحلامه
وبدل الأمل أصبح الحُزن هو اللغة الوحيدة التي تفهمها القلوب
كيف سيكون الصباح بعد هذا الليل الذي طال؟ 
كيف ستكون الليالي التي فقدنا فيها الأمان؟ 
كل شيء حولنا انقلب رأساً على عقب كل الأماكن التي اعتدنا عليها والتي كانت تعج بالحياة تحولت إلى خراب
المدارس والجامعات هُدمت  والمستشفيات أحرقت وأغلقت
أين نجد من يُداوي الجراح الآن؟ 
من يواسينا ومن يُسكن لنا الألم؟
كأن الحرب لم تكتفِ بجرف المنازل والأبنية
بل أكلت أرواحنا وجعلتنا بقايا بشر نعيش في فراغ
لم تعد الأرض تبتسم لنا ولا السماء تُرسل بركاتها كما كانت
حتى ضوء الشمس صار خافتاً وكأنها لا تُريد أن تُشرق على هذا الخراب
نحن نبحث عن معنى وسط الرماد
عن كلمات لم نعد نمتلكها
عن أجوبة ذهبت بعيداً مع الذين رحلوا
 كيف يمكننا إعادة بناء ما تهدم؟ 
كيف يمكن أن تعود تلك الأماكن إلى ما كانت عليه يوماً؟
نقف جميعاً أمام سؤال بلا إجابة نتساءل عن المصير الذي ننتظره

إلى أين نحن ذاهبون؟ وفي أي طريق؟ 
هل ثمة أجوبة بعد الآن؟ 
ماذا كسبنا من هذه الحرب؟ 
ماذا تبقى لنا سوى الدموع التي تسيل كأنهار مُتعبة؟ 
أي شيء من إنسانيتنا قد سقط؟ 
وأي شيء من قلوبنا بقي قادراً على الحُزن؟
لماذا كان علينا أن ندفع ثمن هذه الحرب؟ 
ماذا جنينا من كل هذا الدمار؟ 
ماذا تبقى لنا سوى أنقاض الذكريات؟
كيف نعود للحياة التي أُخذت منا؟ كيف نعود لأبسط الأشياء التي سُرقت؟
من يرمم ما ضاع؟ 
من يداوي الجروح التي لا تزال تنزف؟
كأننا دخلنا عالماً لا مكان فيه للفرح
إلى أين نحن ذاهبون؟
هل لهذه الرحلة المدمرة نهاية؟ 
أم أن الألم لا ينتهي إلا بنهاية الإنسان نفسه؟
ما قيمة الأرض بلا بشر؟
وأي معنى للحياة إذا غابت كل الأحلام؟
أسئلة ما زالت بلا جواب وأيام تمر بلا معنى
هل سيبقى الظلام أبدياً؟
أم ننتظر في صمت لعله خيط الأمل يظهر؟
نحن نعيش في زمن لم تعد فيه الحكايات تنتهي بسعادة
بل صار الألم هو السطر الأخير في كل قصة

عماد سالم ابوالعطا


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الشاعرة المبدعة / هالة خالد بلبوص

بقلم الشاعر المبدع / محمد راتب البطاينة

بقلم الشاعر المبدع / على المحمد