بقلم الشاعر والأديب المبدع / عماد سالم أبوالعطا

أطفال بلا مأوى

في أعماق عيونهم قصص كاملة من الشوق والحنين , أطفال بلا مأوى يحلمون بدفء لم يختبروه سوى في أحلام اليقظة وهم يبحثون عن دفء الحُب في ظلام اليالٍ الطويلة
من تلك الزاوية ولدت قصة من الألم والأمل قصة أطفال بلا مأوى

في ليلة مُظلمة هز انفجار مدوي المدينة الهادئة مُحولاً حياة يوسف وأخته الصغيرة فاطمه إلى كابوس
كان ذلك الانفجار أكثر من مجرد صوت كان نهاية لحياة مليئة بالضحك والأمان ، وبداية لرحلة قاسية في الشوارع يتذكر يوسف أيام طفولته السعيدة أيام العناق الدافئ ورائحة خبز أمه اللذيذة وألعابهم البسيطة التي كانت تعكس براءة طفولتهم المفقودة الآن
في لحظة واحدة تحول عالم يوسف وفاطمة إلى كابوس لم يعُد هُناك منزل يقصدان إليه ولا ألعاب تجمعهُما ولا حتى ذكريات سعيدة يمكنهما التمسك بها
فقدا كُل شيء حتى الأمان الذي كان يُحيط بهما
كانت نظرات يوسف تتبع أخته الصغيرة وهي تلعب بمرح 
عيناه تحملان شوقاً لطفولته الضائعة وخوفاً على مُستقبلها خلف قوته التي كان يُظهرها لها 
كان يتساءل كيف سيحميها من آلام الدُنيا وكيف سيبقيان على قيد الحياة وكيف سيجدون مكاناً يأويهم ، وكيف سيأكلون ويشربون 
تاهوا في الشوارع المُظلمة يبحثون عن أي نور يُرشدهم
التفتت عيون بعض المارة إليهم للحظة لكن سُرعان ما استداروا ونظروا إلى مكان آخر
وكأنهم لا يُريدون أن يروا مُعاناتهما

مرت الأيام وتحولت حياة يوسف وفاطمة إلى كابوس ، ناما في الشوارع وتغذيا على بقايا الطعام التي يجدونها في القمامة تعرضوا للتنمر والضرب من قبل أطفال الشوارع الآخرين
توقفت الحياة لحظة عندما التقت عينا فاطمه ويوسف بعيني العجوز كان وجهه محفوراً بالسنين عيناه تحملان حكاية طويلة .
مد يده وكأنها هدية من السماء بقطعة خبز متواضعة
توقفت سارة للحظة تتأمل تلك اليد المتجعدة تلك القطعة البسيطة إبتسامة ارتسمت على شفتيها إبتسامة امتدت إلى عينيها 
عيون تحمل شُكراً عميقاً وأملاً جديداً 
في تلك اللحظة شعر يوسف وفاطمة وكأن العالم قد توقف
قطعة الخبز كانت أكثر من مجرد طعام كانت لحظة من التواصل لحظة من الأمل
لحظة من الإنسانية
ذات يوم بينما كانا يجلسان بجانب الطريق شاهدتهما سيدة عجوز تمُر من هُناك
كانت عيناها مليئتين بالرحمة والحنان 
اقتربت منهما وسألتهما
ماذا تفعلان هنا يا صغيري؟
أخبرها يوسف بكل صدق عن حياتهما الصعبة 
تأثرت السيدة كثيراً بقصة يوسف وفاطمة وعرضت عليهما الذهاب معها إلى منزلها
في البداية كان يوسف وعائشة يشعُران بالخوف والتردد
لم يعتادوا على الرفاهية والحنان لكن السيدة العجوز كانت صبورة وحنونة
قدمت لهما كل ما يحتاجانه من حب ورعاية
في صباح اليوم التالي ارتسمت على شفتي يوسف ابتسامة عريضة وهو يتذكر حلماً جميلاً جمعه بأمه 
انتقلت ابتسامته إلى شقيقته فاطمة التي لم تستطع إخفاء سعادتها برؤية أخيها أخيراً يبتسم
مع مرور الوقت بدأ يوسف وفاطمة يشعران بالأمان والسعادة في منزلهما الدافئ
أصبح لديهما وجبات لذيذة وأصدقاء جُدد
وسط كل الصعوبات التي عانوها ظل الأمل شمعة تُضيء طريقهم
مؤكدة لهم أن الخير لا يزال يزدهر في قلوب البشر مهما اختلفت الظروف 

عماد سالم ابوالعطاابوالعطا


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الشاعرة المبدعة / هالة خالد بلبوص

بقلم الشاعر المبدع / محمد راتب البطاينة

بقلم الشاعر المبدع / على المحمد