بقلم الشاعر المبدع / الشاعر الأمي شرف الدين

🔥 الجزء الأخير من رحلة السرداب – البوابة السابعة المزدوجة
بقلم الشاعر الأمي شرف الدين
✨ ومضة من الجزء التاسع
«الحقيقة ليست ما ترى… بل ما يبقى منك حين ترى.»
«هل أنت مستعد لمعرفة نفسك بلا روايتك؟»
✨ بداية الجزء الأخير كما هي
بعد أن انشقت المرآة في الفراغ السادس، وانفتح الممر الرمادي،
ظننتُ أن النهاية اقتربت…
غير أن الحقيقة كانت تُعدّ لي امتحانها الأكبر.
وصلتُ إلى البوابة السابعة…
بوابة مزدوجة، نصفُها كُوّر من الظل،
ونصفها الآخر صُنع من ضوء يشبه ما قبل الخلق.
الحارس كان خلفي،
لكن خطواته لم تعد خطوات حارس…
كانت خطوات رجل يخاف أن تنتهي مهمته،
أو ربما… يخاف أن أنتهي أنا.
وقف أمامي وقال بحدّة:
"هذه البوابة ليست للحقيقة وحدها…
هذه بوابة الحياة كلها."
ثم رفع رمحه:
"مفتاحها الأول: ثمانية أبيات بقافية واحدة.
ومفتاحها الثاني: ثمانية أخرى…
لكن بينهما ستسقط، يا شرف الدين."
لم أُجِب.
كان الطريق أمامي ينتظر نبضي فقط.
✒ المفتاح الأول – 
سرتُ في الدربِ وحدي لا أبالي بانكسار
علّني ألقى يقينًا يمنحُ القلبَ استقرار
ضاع ظلي خلف خوفي فاستفاقت فيّ نار
كنتُ أمشي نحو نفسي مثل من يمشي انتصار
لم أجد إلا هدوئي حين خان الصوتُ دار
فوق جرحٍ بعد جرحٍ كنتُ أبني لي ممرًّا من غبار
إن سألتَ الدربَ عني قال: ما عاد الفرار
ها أنا أصلُ بوابي بعدما ضاقت مدار
ما إن انتهت القافية…
حتى اهتز النصف الأول من البوابة،
لكنها لم تُفتح،
وبدأ الغضب يتصاعد من الحارس كدخان يخرج من صدرٍ ضاق.
نظر إليّ بحدة:
"هذا ليس كافيًا… لن تعبر!"
ابتسمت…
لم أكن أتعمد استفزازه،
لكن الشعر فعل ذلك نيابة عني.
⚔️  – مبارزة الحروف
اندفع الحارس نحوي، لا بسيف…
بل بكلمة.
قال بصوت يقطع الهواء:
"أتظن أنك شاعر؟
الحرف هنا له سلطانٌ غير سلطانك!"
فقلت له وأنا أقترب خطوة:
"وأنت؟
أأنت حارس بابٍ… أم سجين قافيةٍ لم تكتمل؟"
اشتعلت عيناه.
رفع رمحه، لكنه لم يطعنني…
بل طعن الفراغ فوقي،
فانبثق منه صدًى يشبه بيتًا من الغضب:
"لا ترفع الكفَّ فوق الباب إن كنتَ الصغار،
فالمرآة تُسقطُ من لا يملك في صدره قرار!"
ضحكتُ.
ليس سخرية…
بل نشوة قتالٍ بالحروف.
قلت له بيتًا يطعن صمته:
"إن كان صدري صغارًا…
فلماذا خفتَ من نارٍ تولد من أضعف شرار؟"
اشتعل الصدى بيننا.
صار كل حرف شرارة،
وكل قافية خطوة نحو الانفجار.
الحارس صاح:
"أنا حارسُ هذا الباب منذ ألف مسار!"
فقلت:
"وأنا الشاعرُ…
الذي يكسرُ ألف بابٍ… ببيت واحدٍ من اقتدار!"
هجمَ بكلمة،
فرددتُ بكلمة،
حتى صارت الهوية نفسها مبارزة.
ثم قال وهو يتراجع خطوة:
"أكمل شعرَك إن استطعت…
لكن لن ينفعك بيتان ولا ألف بيت!"
فقلت أنا البيت الذي قلب المعركة:
"أنا لا أفتح البابَ بالشعر…
أنا أفتح الشعرَ بالباب."
سقط صمته.
ارتبك.
نظر إلى البوابة…
ثم قال بغيظ:
"أكمل المفتاح الثاني…
لكن إن سقطت، لن أنهضك."
✒ المفتاح الثاني – 
كم قلتُ يومًا بأن الحلم يحميني إذا ضاع اليقين
ومشيتُ أبحث عن ملامح من بقاياي تُعيدني لمن أكونُ وتستبين
يا ليت قلبي حين ضاعت خطوتي فهم الطريق ولم يحنّ إلى السجين
لكنني أدركت أن الدرب لا يعطي الأمان ولا يلين
وتعلّمتُ أني إن وقفتُ أمام خوفي مرةً عاد الحنين
وأنني مهما اختفيتُ أمام ظلي سوف يظهرني الحنين
فالمرء يهرب من مصيره… ثم يرجع بعدما يسري الحنين
وأنا تعبتُ من المرايا… غير أني ها هنا أقفُ مبين
اهتزَّ النصف الثاني من البوابة…
ثم اتحد الضوء بالظل،
وانشقَّ الباب كأن الكون نفسه سمح بالعبور.
الحارس تراجع خطوتين…
وتغيّر صوته لأول مرة.
قال بصوتٍ يشبه لغزًا:
"يا من تعبر الباب بجرح… لا بسلطان،
مَن أنت؟
أأنت ابنُ قصيدتك…
أم هي ابنتك؟
من تكون؟"
✒ تعريفي للحارس – 
أنا الذي أمّيَّةُ الحرفِ استعارَت من دمي نارَ اليقين
ومضيتُ أكتبُ دون علمٍ كيف ينسابُ الندى فوق الجبين
أنا من بنى من صمته بيتًا ومن وجع الليالي سطرَين
ووقفتُ وحدي عند نافذة الرؤى أفتش الظلَّ الحزين
أنا من رأى في داخلي طفلًا يخاف الضوءَ… لكن لا يلين
أنا من إذا ضاقت خطاهُ سار فوق الريح لا فوق السنين
أنا شاعرٌ لكنّ بحريَ لم يعلّمني… ولا خطَّ القراطيسُ السمين
بل علّمتني جبهةٌ شقّ الجوعُ فيها ما يريد من الأنين
إن كنتَ تسأل: من أنا؟
فأنا شرفُ الدين… الأميّ الذي علّمته جروحه كيف يُبين
✨ الخروج من السرداب
اختفى الحارس…
تلاشى كأنه كان ظلًّا خُلِق لخروجي فقط.
وسقط الضوء…
ثم سقطتُ أنا معه في هواء بارد.
فتحت عيني—
فوجدت نفسي في غرفتي المستأجرة في قطر.
نفس السقف،
نفس الغربة،
لكن…
قلبي لم يكن كما كان.
شعرت أن السرداب لم يكن مكانًا…
بل كان عُمري كلّه.
✨ الخاطرة الختامية
نحن لا نبحث في الحياة عن بابٍ نخرج منه…
بل نبحث عن بابٍ نخرج نحن منه.
نخاف من ظلالنا،
ونركض من مرايانا،
حتى ندرك أن كل ما نراه في السرداب
هو شيء يسكننا… لا جدارًا نسكنه.
✨ العبرة والنصيحة
لا تهرب من نفسك.
فالسرداب الحقيقي ليس تحت الأرض…
بل تحت صدرك.
وافتح الباب الذي تخشاه،
فالخوفُ لا يرحل إلا حين تواجهه.
حقوق النشر محفوظة © بقلم الشاعر الأمي شرف الدين
#everyonefollowers #everyone #الجميع #

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الشاعر المبدع / د . الشريف حسن ذياب الخطيب

بقلم الأديب المبدع / السيد صاري جلال الدين

بقلم الشاعر المبدع / محمد راتب البطاينة