بقلم الشاعر المبدع / معز ماني
الوطن الأبيض المتوسّط ...
وطن أبيض متوسّط ..
بلا لون كاف للبهجة
ولا ظلّ كاف للاختباء
يكاد يشبه ثلاجة تركت بابها مفتوحا
برد يتسرّب من الداخل
وحرارة تتسلّل من الخارج
وشعب يتجادل ..
هل المشكلة في الباب ؟
أم في الكهرباء ؟
أم في الثلاجة ذاتها
التي نسيت أن تحفظ أحلامنا طازجة ؟
في هذا الوطن ..
نصنع التاريخ من شائعات
ونرمّم الواقع بلاصق رديء
ثم نعلّقه بفخر ..
كأنه عمل فنّي حصل على
جائزة في مهرجان الفوضى ..
الوطن الأبيض المتوسّط
ليس شرقا كاملا
ولا غربا ناضجا
هو منطقة رماديّة
تنتظر أن يكتب أحد
تعريفا منطقيا لها ..
لكن كلّ من حاول
هرب في منتصف الجملة ..
الوطن الأبيض المتوسّط
رجل مسن ..
يجلس على كرسيّ بلا ظهر
يحكي قصصا قديمة
للأزقّة التي لم تعد تصغي
كلما قال كنّا ..
رفرفت الحمامات
كأنها تترحّم ..
على زمن صدّقناه كثيرا
ولا نعرف إن كان قد وجد ..
الناس هنا .. نشتم الوطن بحبّ
وتحبّه بغضب وتتركه بشوق
وتعود إليه بأسف ..
وتقول للبحر عابر الأسرار
أخبرنا .. كيف تبدو الأوطان
من الجهة الأخرى ؟
فيجيب الموج متثاقلا ..
متشابهة كلها .. الفرق فقط
في طريقة الغرق ..
الوطن الأبيض المتوسّط
يريد أن يرقص الحرية
بقدم في الشرق
وقدم في الغرب ..
فيتعثر ثم يضحك
ثم يدّعي أن السقوط
جزء من العرض ..
ومع ذلك يحبّه أهله
لأن هذا البياض المتوسّط
ليس لونا جغرافيّا
بل ندبة واسعة على
قلب ما زال يخفق
لأنهم يعرفون بحكمة قديمة ..
أن الأوطان مثل الأمهات
تجرح أحيانا ..
لكنّها لا تستبدل ...
تعليقات