بقلم الأديب المبدع / د. علوي القاضي
«[2]» المبالغـــــة «[2]»
بقلمي : د/علوي القاضي
... قصة (الرجل وزوجته والملك) قصة رمزية للحكمة والموعظة ، وتُستخدم بهدف التأكيد على ، أهمية الحشمة والستر ، وتجنب الفتن ، وعدم المبالغة في إظهار التقوى والورع
... نجد في القصة ، يقوم الزوج بقطع الشجرة لمنع وقوف العصافير بعد شكوى الزوجه
... ورغم أن العصافير طيور لا تسبب الأذى ، لكن عندما تشتكي الزوجة من أنها تراقبها أثناء خلع ملابسها ، فالزوجة تريد أن تثبت لزوجها أن هناك من يراقبها وهي غير محجبة
... وهذا المعني يرمز إلى المبالغة في الخوف من الفتنة ، أو إلى الحياء الزائد ، أو الخوف الشديد من العين أو من الرقابة ، حيث أن الزوجة التي تخاف من نظر العصافير هي زوجة تخاف من نظر الناس إليها أو من نظرات الفتنة ، وهو ما يدل على المبالغة في ورعها وتقواها الشديدين ، لذلك قام الزوج بقطع الشجرة
... والقصة تؤكد أن (المبالغة) في الورع والتقوى تخفي وراءها خيانة كبرى ، لأن الزوج حينما عاد إلى منزله إكتشف أن زوجته تخونه ، وهو ما يدل على أن (المبالغة) في بعض الأمور تؤكد العكس
... نفس الفكرة تكررت مع شيخ المدينة الذي بالغ في تقواه وورعه ثم سرق خزينة الملك
... وأخيرا لاحظت منشورا به صورة لسيدات ، إحداهن منقبة ، والثانية مكتفية بالخمار ، والثالثة تكشف شعرها ، والرابعة تعري أجزاء من جسمها ، ومكتوب في المنشور (ولا تعلم أيهم أقرب إلى الله)
... شكل من أشكال الشعارات المُريحة للنفس والتي ينطبق عليها (حقٍ أُريد به باطل)
... لماذا ؟! ، لأن هناك نفوس ضعيفة للأسف تأخذ هذه الجمل كمبالغة في الحيل النفسية ، لتسكن بها تأنيب ضميرها تجاه تقصيرها في الفروض الشرعية
... حقا ، لا أحد يعلم من الأقرب إلى الله ، ولكن علينا أن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر
... ونحن نوقن أن الإيمان ما وقر في القلب وصدّقه العمل ، وأننا عبيد لله نسمع فنطيع ، وأمرنا باستقامة القلوب والجوارح ، وأن يتفق ظاهرنا مع باطننا ، فلا نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعضه ، وكذلك مأمورون بأن نعصي هوانا لننال رضى الله ، ومأمورون بأن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر ، ومأمورون بأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ، ولا نميع الحلال والحرام ، فالحلال بين والحرام بين ، ولأن بينهما أمور مشتبهات يجب علينا أن تتركها إستبراءا للدين والعرض ، وكل منا يختار الأصلح له وربنا رب قلوب !
تعليقات