بقلم الاديب المبدع / د . علوي القاضي
«(!)» الثقافة والتفكير الإبداعي «(!)»
تحقيق : د/علوي القاضي.
... (الثقافة) نمطٌ من المعنى لفهم آلية عمل العالم ، تتشارك هذه المعرفة بين مجموعة من الناس ، وتنتقل من جيل إلى جيل ، تُعرّف هذه الوحدة الثقافة ، وتتناول القضايا المنهجية ، وتُقدم فكرة أن الثقافة عملية
... إن فهم (العمليات الثقافية) يُساعد الناس على التعايش بشكل أفضل مع الآخرين ، وعلى تحمّل مسؤولية إجتماعية أكبر ، ولها ثلاث أنماط :
★ تمكُّن من العلوم والفنون والآداب ، غنى فِكريّ ومَعرِفة واسعة (ثقافة عامّة)
★ مجموع نِتاج جَماعَة في مجالات الأدب والفَنّ والفِكر (الثَّقافة العربيَّة)
★ مَجْموع المَعارِف المُكْتَسَبة الَّتي تسمح بتَنْمية الذَّوْق وحاسَّة النَّقْد وقُدْرة الحُكْم على النَّاس وفي الأُمور والأَشْياء (ثَقافة عالمية)
... (المثقف) ، إنسان له دراية واسعه بشتى حقول المعرفة ، ومتتبع نهم لكل مايجري من حوله ، على نطاق معلوماتي واسع وبإمعان ، بحيث يمكنه التحاور والنقاش مع الإقناع بإعطاء مبررات معرفية منطقية ، مُستقاة من خزين معلوماته ، والمثقف مبدع سلوكا وصاحب تفكير إبداعي
... وقد تناول المفكر (إدوارد دى بونو) من رواد علم النفس التربوي ، ف
ي كتابه (قبعات التفكير الست) هذه القضية بالشرح والتوضيح ، بوضع تقنية مذهلة لفهم أنماط التفكير وتحسين القرارات بأسلوبه الفكري والإبداعي ، في عالم يمتلئ بالتعقيد ، حيث تتزاحم المشاعر ، والمنطق ، والحدس ، والتجريب
... في مقدمة الكتاب ، يسألك الكاتب ، هل تفكّر بالطريقة الصحيحة ؟! ، ويجيب (إدوارد) ، الأب الروحي للتفكير الإبداعي ، بواحدة من أقوى أدوات التفكير في العصر الحديث ، (نظريّة قبّعات التفكير الستّ) ، هذه النظرية تغيّر قواعد اللعبة ، فهي تساعدك على التخلّي عن التفكير العشوائي ، وتمنحك القدرة على إرتداء الـ (قبّعة) التي تناسب كل موقف ، وكل قرار ، وكل تحدٍّ
... ما هي قبعات التفكير الست التي تميز بها إدوارد ؟! ، هي تقنية ذكية تتيح لك أن تنظر إلى (الأمور) من زوايا مختلفة ، كلّ زاوية بلون ، وكلّ لون بأسلوب تفكير معيّن ، حين تتعلّم إستخدامها ، ستفهم نفسك أكثر ، وتُدير النقاشات بذكاء ، وتحلّ المشكلات بطريقة متوازنة ، واضحة ، ومنظمة
... كيف تعمل هذه القبعات ؟! ، بدلًا من المزج العشوائي بين المنطق والعاطفة والتفاؤل والخوف ، تتيح لك هذه النظرية أن تفصل بين الأنماط ، وتركّز في كل مرة على نمطٍ واحد ، بوضوح وبدون تشتت والنتيجة ! ، تفكير أعمق ، وقرارات أذكى
... وقد قسم (إدوارد) القبعات وألوان التفكير :
★ القبعة البيضاء : الحقائق فقط ، تفكير حياديّ ، يقوم على (الأرقام والإحصاءات) ، لا آراء ، لا عواطف ، فقط أسئلة واضحة وإجابات موضوعية
★ القبعة الحمراء : العاطفة بلا تبرير ، تمنح مساحة للمشاعر والأحاسيس والحدس ، لا تحتاج إلى تفسير أو منطق ، فقط ما تشعر به
★ القبعة السوداء : الناقد الحذر ، هنا يحضر التفكير السلبي ، ليس لتهديم الأفكار ، بل لاختبارها ومواجهة المخاطر المحتملة ، منطق صارم ، لكنه يُحذّرك من الوقوع في الأخطاء
★ القبعة الصفراء : الضوء والتفاؤل ، تفكير إيجابي ، يركّز على الفرص ، والمزايا ، والنوايا الطيبة ، يبني الأمل ، ويرى الجانب المشرق حتى في أحلك اللحظات
★ القبعة الخضراء : الإبداع المتحرّر ، هنا يولد الجديد ، أفكار مبتكرة ، أسئلة متمردة ، حلول خارج الصندوق ، كلّ شيء قابل للتغيير
★ القبعة الزرقاء : القائد المنظّم ، قبعة التفكير الشامل ، تدير بقيّة القبعات ، تنظّم وقت التفكير ، وتحدّد متى ننتقل من منطق إلى عاطفة ، ومن نقد إلى إبداع
... وقد وضع (إدوارد) أهداف لنظريته وهي تبسيط التفكير والتركيز على نمط واحد في كل مرة ، وتبديل الزوايا لرؤية المشكلة من كل الإتجاهات ، دون تحيّز
... وهنا نخلص إلى أن التفكير ليس فوضى ، بل مهارة ، ونظرية القبعات الستّ هي أداة عبقرية لترويض هذه المهارة
... فبدلًا من أن تختلط عواطفك بالمنطق ، وخوفك بالتفاؤل ، تستطيع عبر هذه النظرية أن (ترتدي) كل قبعة في وقتها المناسب ، وتتخذ قرارات ناضجة مبنية على وعي شامل وثقافة عالية
... تحياتي ...
تعليقات