بقلم الشاعر والأديب المبدع / د . زين العابدين فتح الله
إليكم الجزء الثالث من قصة
"زينب و زيد قصة لم تكتمل"
ملخص الجزء الأول والثاني :
في أحد أيام عطلة نهاية الأسبوع في أواخر أيام الشتاء الدافئ من أواخر ثمانينيات القرن الماضي....كان زيد يرقد في سريره بإحدى مستشفيات القوات المسلحة الرائعة بالقاهره جراء إصابتة بعدة شظايا: زيد ..شاب ريفي حاصل على شهادة البكالوريا لم يحالفه الحظ ليلتحق بكلية الفنون التطبيقية لا لشيء سوى الفقر! إذ كان قد حصل على مجموع يؤهله للالتحاق بها!
فالتحق بالخدمة العسكرية حتى يتفرغ للعمل وتكملة تعليمه الجامعي بالشكل الذي يلائم طموحاته.
وبينما كان يتحدث مع زملائه من المرضى تقدم خالته "فاطمة' وبنتيها "زينب" و "بشرى" بصحبة ابن خالته وصديقه "بدر" الذي تربى معه بالقرية و التي تقع في إحدى محافظات الدلتا..كان "بدر "يعمل بالقاهرة مهندسا بإحدى شركات القطاع العام
يدخلون غرفة "زيد" ويسلمون عليه ويتعرف على خالته المتزوجة بالقاهرة والتي لم يرها من قبل!
كانت "زينب" في نهاية المرحلة الثانوية على قدر كبير من الجمال هي واختها "بشرى" التي كانت بالمرحلة الإعدادية.
تبدو زينب وبشرى كقمرين حتى انهما جذبتا انتباه الإخوة من الجنود والممرضات!
ينظر "زيد" إلى "زينب" فيجدها تبكي وهي تنظر إليه فيخفف عنها ويقول إنه بخير وأن الإصابة لا تتعدى سوى جرح وأنه كان محظوظا حيث أنقذه القدر من الموت المحقق لو أن الرصاصة ارتفعت عدة سنتيمترات لكنها سقطت على الصخر وانفجرت ودخلت الشظايا في ساقه العلوي دون أن تكسر اي من عظامه!
يطمئنها ويتأثر بعبراتها التي كانت تفوح بالعاطفة والرقة!
يبادره "بدر" بأنه قد خطب "زينب" فيبارك لهما زيد لكن بدر لم يكن متأكدا من موافة أمه بالقرية فقد كان بدر وحيدها وكانت تريده أن ينتقل معها إلى القرية وينقل عمله بأقرب مدينة لها ولذا كان بدر متخوفا من عدم موافقة أمه!!
تنتهي الزيارة ويغادر الجميع على أمل اللقاء!
تتكرر الزيارة مرة أخرى بدون بدر!
كانت الخالة فاطمة و بنتيها الجميلتان فقط و يدور حديث بينهم ينم عن أن زيدا و زينب وبشرى صاروا كما لو أنهم قد تعودوا على رؤية بعضهم!
يخرج زيد من المستشفى ويقضي أجازتة المرضية بالقرية ويحدث أمه عن خالته فاطمة و بنتيها الجميلتين و يفصح لها عن رغبته في خطبة إحداهما فتبارك له القرار حينما تتحسن الظروف وينهي خدمته العسكرية!
يعود زيد إلى معسكره معافا و كان بالقرب من القاهرة مما سهل عليه زيارة خالته بمنزلها بحي المطرية بالقاهرة!
يزور زيد خالته وترحب به زينب و بشرى ويتعرف على اختيهما المتزوجتين و المقيمتين بالقرب من منزل والدتهما
كريمة متزوجة من الأستاذ اسماعيل والذي يعمل محاسبا بإحدى شركات القطاع العام و سامية المتزوجة من موظف مرموق بإحدى الشركات الكبرى!
تعرف عليهم زيد و كانتا على قدر كبير من الجمال والأدب والثقافة وخبرات الحياة ...
يتناول الجميع العشاء معا ويغادر زيد مودعا خالته وبناتها مرحبين بزيارته في أي وقت!
وبينما كان زيد في طريقه لزيارة خالته وبناتها يقابل مصادفة الخالة فاطمة و زينب الجميلة بالقرب من منزلهما وقبالة ترعة الإسماعيلية وأمام أحد المساجد يسلم عليهما ويرى على وجهيهما مسحة من حزن!,
يسألهما زيد لماذا أرى حزنا على وجوهكم هل حدث شيء لعمي عبد القادر بالخارج أو أي من بنات خالتي ؟
فتخبراه بأن بدرا بن خالته قد فسخ خطبة زينب!
فيسارع ليعيد لهما ابتسامتيهما و يبادر بوضع يده في يد خالته أمام زينب ويطلب منها خطبة زينب وقراءة الفاتحة ويعودوا إلى البيت جميعا وقد غمرت الفرحة وجوههم وقلوبهم!
يتناولون العشاء ويتسامرون في جو من الألفة والود... و يسرد كل منهم ذكريات الدراسة والأشياء المحببة إليه وكأنهم يمهدوا جوا من الوفاق والتفاهم من الآن إلى أن يتم الزواج حال انتهاء زينب من دراستها وسفر زيد إلى إحدى دول البترول ليهيء لزينب سكنا وجهازا يليق بها!
بعد أن أنهى زيد خدمته العسكرية يجهز أوراق سفره ويسافر إلى دولة خليجية حيث الأجور المرتفعة والتي يأمل زيد أن يكسب أموالا تعينه على العيش بكرامة هو وإخوته وأهله وكذلك ليتمكن من تأسيس منزل يليق بزينب يكون مناسبا لإتمام زواجه.
يرسل لها أول خطاب حيث كانت الخطابات هي الوسيلة الوحيدة للتواصل يصف لها مشاعره وأحاسيسه تجاهها و يرتل لها فيه أسمى عبارات الود و الشوق والوجد بما يجعلها في شوق دائم له وأن علاقته بها هي علاقة لا يفت في عضدها أي فراق وأن سفره هو النواة الأولى لبناء حياتهما بكل ثبات. تقرأ زينب خطاب زيد لأمها وأخواتها وتسعد به حتى أنها كانت تقرأه كلما فرغت من مذاكرتها كأنه أصبح وردا يوميا!
ثم تكتب زينب خطابها لزيد ترد فيه على خطابه ولم يكن أقل من نفس المشاعر والأحاسيس التي كانت لدى زيد تجاه زينب.
كان خطابا كأنه تراتيل شوق و ود لتطمئن زيدا على أن الأمور تسير بانسجام وأن الحلم قاب قوسين أو أدنى ليتحقق.
يعود المعلم عبد القادر من سفره بالخارج محملا بالهدايا لزوجته وبناته واخته وابنها الضابط محمد...
وبعد عدة أيام تقدم أخته وابنها الضابط محمد لزيارة أخيها المعلم عبد القادر وتقيم معه يومين ويحسن ضيافتها وابنها....ثم تبدأ اخته الحديث معه...
اخويا. بطلب منك يد بنتنا زينب لمحمد ابني
فيفاجأ بطلبها ويريد منها أن تمهله بعض الوقت ليأخذ رأي الأولاد..
تعود اخته منتظرة ردا في اقرب وقت
تجتمع الاسرة ويدور حوار بين المعلم عبد القادر و زوجته وبناته وزوج ابنته الأستاذ اسماعيل
يعرف من زينب أنها قد خطبت من بن خالتها زيد المسافر بالخارج حينما كان في فترة خدمته بالقوات المسلحة وقد قرأنا معه أنا وأمي الفاتحة!
وبعد أخذ رأي زوجته أيضا والتي اكدت كلام زينب...
يسال المعلم ابنته كريمة عن رأيها فتقول أنها عندما ابلغت بن خالتها سالم والذي يعيش بقرية زيد...عندما ابلغته بخطبة زيد لزينب وسالته مارايه؟
قال لاتاخذوا بكلامه فهو قد خطب إحدى بنات جيرانه...كذبا وحقدا حاول تضليلها لأنه قد حاول خطبة زينب بعد أن طلق زوجته فرفضت امها!
ورغم علم المعلم عبد القادر بأهمية الكلمة وقراءة الفاتحة كبداية لخطبة أي فتاة
رغم ذلك وافق على خطبة زينب لإبن اخته الضابط محمد ...متخطيا العرف..
لتبدأ حلقة وحقبة سوداء في حياة زينب التي كانت ترغب في زواج زيد ولا تبدي أية مشاعر تجاه الضابط محمد بن عمتها!
إليكم الجزء الثالث من قصة:
زينب وزيد قصة لم تكتمل
*********************
يعود زيد من سفره إلى قريته بدلتا مصر... يسلم على أهل قريته وهم يحفلون به مبتسمين!
فقد كانوا يحبونه و يحبهم وله كثير من محبيه... أقارب واصدقاء ماعدا من كان يغار منه ومنهم سالم الذي لطالما لعب معه وسهر معه لكنه كان يضمر له كراهية لأ لشيء سوى الغيرة!
يسلم زيد على والديه وأخوته ويوزع عليهم الهدايا ويستقبل أصدقائة و يقضي معهم وقتا ممتعا وقد استشعر أن الوقت قد حان لزيارة زينب بالقاهرة!
وفي صبيحة اليوم التالي يتوجه إلى القاهرة وقد ارتدى أجمل الحلل و تعطر قاصدا زيارة زينب وخالته وبناتها.
لم يأخذ معه أية هدايا قاصدا بذلك أن تكون رحلتة استكشافية وحينما يطمئن ان كل شيء بقى على ماكان وأن زينب وأهلها بانتظاره وأن اتفاقه معهم مازال ساريا سيعود إلى قريته ويأخذ أهله وهداياه وسينجز ماوعد!
سيتفق على كل شيء كما جرت العادة من شبكة وجهاز وموعد للزفاف ربما لن يكون قبل سنتن ريثما يجهز سكنا ويفترشه دون أن يرهق نفسه بقصر المدة والتي قد تغير انظار زينب واهلها فيه!
زيد رجل يحب الإلتزام بما يقول والوفاء بالعقود والعهود!
يعود زيد من الخارج وقلبه ينبض بالحياة و بالأمل... يسابق الزمن لقد ازداد وجهه بهاء وإشراقا ... والكل يرى فيه نموزجا مثاليا عصاميا يخطو خطواته إلى المستقبل بثبات ملقيا بأنات الماضي الأليم وراء ظهره.
يستقل قطارا متجها إلى القاهرة وفي مخيلته صورة زينب بوجهها المشع نورا وعيناها الحور اللامعتين بنظرات ملؤها الحب والحنان!
يتجه إلى المطرية ليزور زينب ويطمئن عليها وعلى خالته واخواتها!
لم يكن يتوقع أن زينب هي التي ستفتح له الباب عندما صغط على زر الجرس!
ولدهشته وجدها تقول لمن بالبيت هذا زيد بن خالتي!
سبحان الله!
كأنها اشتمت رائحته!
تفتح وهي تقول زيد بن خالتي... زيد بن خالتي!
ترحب به متناسية أو غير مبالية بوجود خطيبها الضابط محمد!
كما لو أنها أرادت أن تبلغه رسالة أنها مازال قلبها ينبض بحب زيد وأن ماجرى لم يشغل بالها ولم توقن به!
يسلم زيد عليها و يعطيها ما بيده من علب الحلوى التي اشتراها لها والتي كان يعرف مدى حبها لهذه الأصناف!
قصد ألا يأخذ معه الهدايا التي اشتراها لها بل أجلها للمرة القادمة!
لقد كان قلبه دليله على أن هداياه ليست لها داعي ولم تعد لها محلا من الإعراب!
يسلم على المعلم عبد القادر زوج خالته ووالد زينب لأول مرة!
ويسلم على خالته وباقي الأسرة والضابط محمد!
كان موعد إفطار في يوم من أيام رمضان!
وكان قدومه مع أذان المغرب!
كانت مائدة الإفطار معدة!
تقدم الجميع لتناول الإفطار ...
ينظر زيد إلى زينب فيجد بيدها أساور من ذهب و دبلة خطوبة!
هنا يوقن أن زينب لم تعد له!
يذهب لصلاة المغرب والعشاء والتراويح بالمسجد المجاور الذي شهد لقائه مع زينب وأمها حين خطبها منها!
يعود فيجد خالته تبرر ماحدث بعلل لم تقنعه!
وتعرض عليه ابنتها.... بشرى!
لم يرد على خالته بل تركها ترد على نفسها!
ثم استدار إلى خالته وقال:
خالتي أرى أن زينب ليست كما تركتها!
...والله إن زينب لم تعد في حالتها الطبيعية ولم تعد تتحدث حتى مع خطيبها الضابط محمد إلا باقتضاب!....ترد الخالة فاطمة على تساؤلات زيد!
....صامته ساكته طول الوقت رغم التحاقها بكلية التجارة!
ثم تردف قائلة:
لم أر زينب فرحة مسرورة مثل هذه الليلة حين رأتك يازيد!
وما الفائدة ياخالتي أعتقد أنها فرحة بلقائي الاخير...يرد عليها زيد بألم!
كأنها تودعني...يستطرد زيد!
ولم لا تخطب بشرى يازيد ؟ تحاول الخالة إرضاء زيدا !
والله بشرى مازالت صغيرة فاتركي الأمر حتى حين ياخالتي!
لم يرد زيد أن يحرج خالته إكراما لزينب ؛
وحفاظا على صلة الرحم!
كان زيد من عادته وتكوينه الشخصي لا يعاتب من أخطأ في حقه في وقتها بل دائما مايترك للعتاب متسعا من الوقت لحين يفيق الجميع ويتدارك المخطيء خطأه!
يودع زيد الجميع حين خرجت زينب مع خطيبها الضابط محمد لمحاضرة في كورس للغة الإنجليزية أثناء العطلة الصيفية!
حينها نظرت زينب إلى زيد نظرة الوداع وكأنها تقول له إن الأمر غير مرض.. ولكن أصبح واقعا مريرا وعليها التسليم!
ينظر إليها زيد مودعا بنظرات تملؤها الشفقة!
فقد اشتكت له خالته من حالها وصمتها و سرحانها معظم الوقت!
يودع زيد الجميع بعد خروج زينب ويذهب عائدا إلى ساحة مسجد الحسين حيث أمسية دينية و صلاة القنوت ثم السحور في أحد المطاعم المنتشرة حول ساحات المسجد ويعود إلى صلاة الفجر ويرتاح قليلا ثم ينهض فيصلي الضحى ويذهب إلى مقر شركة الخطوط الجوية المصرية ليحجز رحلة إلى العراق ليعمل هناك حتى يأتيه خبر تعيينه في إحدى الوزارات التي كتبها في رغباته باوراق تعيينه!
يقضي زيد عاما آخر بالخارج
كان عاما عصيبا عليه !
لم ينس ما أصابه
في اول تجربة بحياته..!
كان يعمل ...لم يكل ولا يمل من التفكير في مأساة الملاك البريء... زينب!
يحدث طيفها في أوقات فراغه وهو بسكنه وينقش على جدران غرفته صورا من الطبيعة!
يرسم نهرا بضفتيه وأشجارا متراصة تتجاذب مع الريح حديثا تميل يمينا و يسارا
وطيورا تغرد و أوز و بط بترعة...وفلاح يركب حماره ويسحب مواشيه متجها إلى الحقول الخضراء !
وبحيرة ماء بها وعلى ضفافها طيور مهاجرة مثل البجع والأوز العراقي وساقبة تسقي الزروع وتحت شجرة التوت يجلس شاب وفتاة!
يتذكر زينب!
يسألها:
هل أنت بخير ...زينب ؟
يجيب نفسه بنفسه....لا يا زيد أنا لست بخير!
من الواضح أنني ساكون ضحية لمجتمع سادت فيه تقاليد بالية!
فلا يأخذ برأي فتاة حين يتقدم لها شاب !
...تقاليد الجاهلية بل إن في عصور الجاهلية كان يحترم فيها رأي الفتاة!
يظل الحوار يدور في ذهنه ليقتل الوقت ولا يدري كم مر منه!
لقد ظل يعمل نهارا ويسهر ليلا ولا يرهقه سمر ولا سهر. وكلما جلس بمفرده يحاور زينب و كأنه كان يعيش مأساتها!
في حواره الأخير قبل الرحيل والعوده للوطن الأم مصر ليتسلم وظيفته بوزارة التربية والتعليم !
يصل إلى نتيجة مسبقة حين سأل زينب سؤاله الأخير ...
كيف تسير الأمور مع الضابط محمد ؟
فيعفي زينب عن الإجابة ويجيب نفسه كالعادة
انا كأني استقل قاربا وأجدف عكس اتجاه الريح!
إنني منخرطة باستكمال تعليمي وهو... أي الضابط محمد رايح جاي علينا للسهر والضيافة!
فلم أعد أجلس معه لأني أريد النجاح وهو قد ركن إلى وظيفته المرموقة كضابط له مكانته الاجتماعية!
هو فاقد لمقومات ولباقة وحصافة زوج المستقبل!
...و كأنني أتوه في بحر بلا شطآن!
لم أجد بوصلة ولم أعرف إلى أين سأرسو!
يعود زيد ويتسلم وظيفته ويلملم جراحه ويستأنف حياته العملية كمدرس بالمرحلة الابتدائية!
يبدأ بالإلتحاق بفصول التعليم الثانوي الليلية!
يجتاز الصف الأول ثم الثاني ويأتي عام الحسم
أصبح في الثانوية العامة !
أصبح قاب قوسين أو أدنى للإلتحاق بالجامعة التي لطالما حلم بالدراسة في أروقتها و مدرجاتها والتي وعد زينب بها!
نعم هي دراسة مميزة و نقلة نوعية و وجاهة اجتماعية وثقافة و تعليم أكاديمي متخصص!يسهر الليالي... يذهب لدروسه عاقدا العزم على الحصول على مجموع يؤهله لكلية محترمة وليتمكن من تحقيق حلمه الذي سيحقق له منزلة عظيمة في مجال التربية والتعليم!
بالفعل يحصل على مجموع كبير ويلتحق بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية!
ورغم أن الاتصال كان مقطوعا بينه وبين زينب إلا أنه يتذكر آخر لقاء جمعه معها حين مر مرورا قصيرا ليطمئن على خالته و بنات خالته..!
كانت زيارة قصيرة قدر شرب فنجان قهوة
تذكر آخر طلب لزينب....
ألم تقل أنك ستذاكر الثانوية العامة وتلتحق بالجامعة ؟
فيجيبها زيد نعم وأنا عاقد العزم وسأحقق ما أريد بإذن الله!
يتذكر زيد و يتمنى لو تعلم زينب ما فعله وما وصل إليه !
لقد وصل إلى أن أصبح طالبا بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب!
وحلمه أن يكون معيدا به ويصبح أستاذا جامعيا!
كم هي الأقدار حين تشاء وحين يكتب الله لك النجاح طالما أن لديك الاستعداد للتعلم وحب العلم والعلماء!
كان زيد معجبا بمعظم أساتذته الجامعيين وكان معروفا بجده واجتهاده!
كان الأساتذة يقدرون ذلك!
تمر سنوات الجامعة كالحلم
يتخرج زيد بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف!
يعود إلى الأهل والأصدقاء ليحتفل معهم بهذا النجاح الباهر!
وبينما هو جالس بالبيت في أحد أيام الصيف يأتيه خطاب التعيين كمعيد بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب!
يقفز واثبا فرحا و يرفع خطاب التكليف إلى أعلى ثم يتلقاه ويقبله!
ليت زينب معي الآن ؛ يتحدث زيد مع نفسه
يتزوج زيد زواجا تقليديا من سيدة ذات جمال وخلق ومن طبقة كطبقته المتوسطة!
وبعد شهور معدودة يبدأ العمل كمعيد بكلية الآداب بقسم اللغة الإنجليزية!
وفي أحد الأيام قبل غروب الشمس يقابل خالته فاطمة بالقرية حيث كانت في زيارة لإخواتها!
فيسلم عليها ويخبرها أنه قد اصبح أستاذا مساعدا بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية وأنه عائد من عمله بالجامعة!
تهنئه خالته وتدعو له!
في اليوم التالي يذهب إلى خالته ويدعوها على الغداء... فتلبي وبينما كانوا يتناولون الغداء بادرت الخالة فاطمة زيدا بأن زينب تسلم عليه!
فيسألها كيف صار بها القدر ؟
فتجيبه إجابة غير متوقعة!
كاد قلبه يتوقف من هول ما سمعه!
قالت خالته فاطمة ؛
لقد مات المعلم عبد القادر رحمه الله...ثم بعدما طال أمد خطوبة الضابط محمد لزينب
افترقا بعد سبع سنوات خطوبة!
وقد أقنعتها بأن تتزوج من رجل أرمل يبلغ من العمر أربعون عاما!
تعجب زيد على ما آل إليه حال زينب وكيف أن خطأ الأم والأب يدفع ثمنه الأبناء!
كيف تنقضون عهدكم وتخالفوا شرع الله ياخالتي ؟!
أما سمعتم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم
"لايخطب أحدكم على خطبة أخيه ولا يبتع على بيعته"
أضعتم نفسا بريئة بفرية من شخص حقود!
يسأل زيد خالته وهي صامتة ولاتعرف ماذا تقول أو كيف تجيب!
والله يازيد لقد خفت من المعلم عبد القادر حتى لا يقال أنني اتخذت قرارا بغير مشورته ' تقول الخالة فاطمة.
وماذا كانت النتيجة ؟ يسأل زيد ويعفيها عن الإجابة فيقول..
...لقد ضاعت زينب بسوء اختيار وبسوء ظن وبخداع المناصب والمظاهر الكاذبة!
جزى الله من أضاعها وتسبب في تعاستها يختتم زيد آخر حديث له مع خالته!
تمت بحمد الله
للكاتب والأديب الشاعر/ د.زين العابدين فتح الله

تعليقات