بقلم الأديب المبدع / علوي القاضي
«(5)» العقل من منظور إسلامي «(5)»
(العقل والنقل والقلب)
دراسة وتحقيق : د/علوي القاضي.
... العقل له قدره في الشريعة ، وله أعتباره ومكانته ، ولايمكن أن يتمتع بالحق بدون وحي ، فهناك تكامل عندنآ لأن العقل وحده محدود ، مثله مثل العين واليد ، يقول الإمام بن القيم (العقل يسلم لشريعة الرؤية لتكمل التفاصيل الدقيقة جدا) ، مثل الميراث مثلا نعلم من هم الورثة ولكن لانعرف كيف يقسم وكم يأخذ كل فرد
... العقل يطلق بين أربعة إطلاقات بمعنى (القطعيات ، واليقينيات ، والضروريات العقلية) ، التي يتفق عليها جميع العقلاء ، مثل مبدأ (عدم التناقض) ، ومبدا (عدم التسلسل) ، وعندما يطلق (العقل) ويقصد به الظنيات بمعنى (نتيجة التفكير) فهذا لايقطع بصوابه ، فالإنسان (يفكر( و (يحلل) فكرة معينة ، ثم يصل إلى (نتيجة) ممكن غدا ينقضهآ أو (تظهر) معطيات جديدة تتبين أنك مخطئ ، ويطلق على العقل بمعنى (الغريزة المدركة) ، التي يسميها الفقهاء (مناط التكليف) و (هذا الإنسان عاقل) التي تدخله ربقة المكلفين وهذا ضد الجنون ، بمعنى الرزانة والحكمة ، ولايوجد قاعدة قطعية ظرورية تتناقض مع الشريعة أبدا ، والمعنى الأخر (العقل مظنون) ليس مقطوعآ بصوابيته ، لأنه مشوب بالإنحيازات النفسية ، هي رغبة لكن تلبس بالعقل ، يجب أن هناك شيئ أعلى منه ويتحكم فيه على إختلافات وأفكار الناس وهي ماشرعه الله وماأوحي إلى النبي عليه افضل الصلاة والسلام
... والعقل من نعم الله الكثيرة ، وهو من أعظم هذه النعم ، وقد يغفل عنها كثير من الناس ، فالحمد لله الذى كرم الانسان بنعمة العقل عن باقى مخلوقاته ، و ما أرفعها من نعمة ، فهو أساس الأعمال ولذلك كان مناط التكليف فى الإنسان ، فإذا وجد وجد التكليف ، وإذا إنعدم إنعدم به التكليف ، فلا تكليف على (قاصر) حتى يبلغ ، ولاعلى (مجنون) حتى يعقل ، ولا على (نائم) حتى يستيقظ ، بل ومَّيز بين عباده بالعقول ، فقد قسم الله العقول بين عباده كما قسم الأرزاق ، فـ (سعيد) مغتبط بعقله ، و (شقي) معذب بعقله ، قال سبحانه وتعالى (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَايَعْقِلُونَ) ، وسبحان الله كل شئ إذا كثر رخص ، إلا العقل فإنه إذا كثر غلا ، ولذا سئل كثير من التابعين عن أفضل ما أعطي العبد ، فأجابوا (العقل تطلب به الآخرة)
.. يعد رفيع القوم من كان عاقلا***وإن لم يكن في قومه بحسيب
.. وإن حل أرضا عاش فيها بعقله***وماعاقل في بلدة بغريب
... فالحمد لله على نعمة العقل ، ونعوذ بالله من السفاهه والجهالة
... ولكي تطهر عقلك وقلبك من دنس الدنيا ، طهر تفكيرك تسمو نفسك وتزكى ، فالتفكير في الخبائث وشر الأعمال يدنس النفس ، والتفكير الرشيد الصافي يزكي النفس ويطهرها ، فالنفوس طاهرة زكية من حيث أصلها وجوهرها ، فهي نفخة من روح الله ، وإنما تدنسها الأفكار الخبيثة ، والمعتقدات الخرافية ، والقناعات الخاطئة ، التي نصوغ بها قيمًا سلبية ، لتتماشى مع الدنيا وما بها من شهوات تتوق لها غرائزنا ، لذلك من تطهر تفكيره ، تطهر قلبه وعقله ، و أنار الله بصيرته ، ورزقه الله عز وجل الرشد والحكمة ، فيحب الإيمان ، ويزينه الله في قلبه ، فيحب الصلاح والصالحين ، وكل ماهو إصلاح في الأرض وطاهر ، ويكره الله له الكفر والفسوق والعصيان ، فيرزق الحكمة والرشد ، وهكذا تكون تزكية النفس بتزكية التفكير وتطهيره من الدنس ، ولأن العقل مناط التكليف فبه نُسأل وبه نُحاسب ، وبه ننجو أو نهلك
... وأنت ياأخي الكريم راقب تفكيرك والتزم في سلوكك واضبط عاداتك ، تزكو نفسك وتطمئن ، ويسلم قلبك ويسعد ويستريح ، فتنعم بحياتك في الدنيا بالنجاح ، وتنعم بحياتك في الآخرة وذاك هو الفلاح
... تحياتي ...
تعليقات