بقلم الشاعر المبدع / صادق هاشم
الأعراب لغةً هم سكان البادية من العرب، وجمع أعراب أعاريب، أمّا مفردها فهو أعرابيّ، وهم الذين يتتبعون مساقط المطر ومنبت الكلأ، ولا يطلق لفظ الأعراب على قبائل بعينها، وإنّما يُطلق على العرب الذين لا يسكنون المدن والأمصار، ولا يقيمون فيها، ولا يدخلونها إلا لحاجة تَعرِض لهم، ويتصف الأعراب بالجفاء والغلظة، وبعضهم مجافون للشرع بعيدون عن العلم، ويمكن تقسيم الأعراب تبعًا لهذه الصفات إلى: المنافقين، يوصفون بأنهم أشدُّ نفاقًا، واتصفوا بذلك لصدّهم عن سبيل الله، ومعاونة أعداء الله المتربصين بالدين وإمدادهم بالمدد والعون، أما أسباب الكفر والنفاق التي اتصفوا بها إنّما جاءت لكونهم بعيدين عن العلم، ومعرفة أحكام الشرع، وأصول الإيمان، بخلاف أهل الحضر لقربهم من مصادر العلم ومعرفتهم بحدود ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وعلى آله، ومن أهل الأعراب من يجد نفقته في سبيل الله خسارة، ولا يبتغي فيها وجه الله، ولا يؤديها إلّا كرهاً، وليس كلّ الأعراب مذمومين، حيث قال تعالى: (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) إذ يسلم من النفاق والكفر منهم من يعمل بمقتضى الإيمان، ويقصد في نفقته وجه الله، ووسيلةً لدعاء النبي وتبريكه، وهؤلاء سيدخلهم الله في عباده الصالحين، ويخصهم برحمته، والعرب هم الذين سكنوا القرى العربية، واستوطنوا المدن، سواء من كان منهم مِن البدو ثمَّ انتقل إلى القرى، أو الذين انتقلوا إلى المدن، وهنا يأتي الخلط في تفسير آية: (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، فلا يجوز للمسلم أن يطلق لفظ الأعراب على المهاجرين والأنصار، الذين استوطنوا مكة ثمَّ هاجروا إلى المدينة، ومن لحق من الصحابة الكرام بأهل البدو بعد هجرته ورعى الغنم، واقتناه، وتتبع مساقط الغيث فيقال إنَّه تعرّب أي صاروا أعراباً، وفي المقابل إذا انتقل الأعرابي إلى القرى العربية وغيرها فيسمّى حينها عربيّ وليس أعرابي.
تعليقات