بقلم الشاعر والأديب المبدع / د . زين العابدين فتح الله
سلام و وداع ... رمضان
تتحجر الكلمات في حلقي تحتبس وتكاد الروح تطير فتتدفق العبرات و يصمت اللسان إلا من تسابيح وصلوات وذكر للرحمن .
يفرغ الفؤاد على فراق أيام معدودات لكنها تبلغ مبالغ السمو بقدر ومقام كأنها قرن من الزمان في فضائلها وقدرها.
إنها أيام رمضان التي دائما ما تمر كساعات! سهلة خفيفة كالنسمات! حتى يمر الشهر الكريم ولا نشعر به كما الحلم! لقد كنت خير زائر احبتك الروح و ارتقت بك النفوس نائية عن كل ما يهوى بها في بحر الخطايا والذنوب.
وداعا ايها الشهر الكريم وكعادتك عودتنا على الصبر و القناعة والرضا بكل ما قدره الله من خير و غمرتنا بالبركة فبدا القليل كثيرا و امتلأت العين وشبعت النفس وارتوت الجوارح بقليل الزاد في اجواء ايمانية حددت مسارها نحو القلوب فجذبتها إلى الهدى والتقى باداء الفرائض والنوافل والقيام وقراءة القرآن. كم انت ضيف حبيب ولفراقك أثر لا يوصف عاطفة اليك وحنين لا يمحى أثرها وكيف لا وأنت شهر الحسنات و البر والتقوى أنت شهر الطيب من القول والعمل الصالح. انت من جعلت الكبير يحنو على الصغير والصغير يوقر الكبير والفقير يحنى عليه من القادر والكل قد انصهر ببوتقة وكأن فيها معادن نفيسة طاف بها رمضان فصفت ولمعت فبدت من أنفس المعادن و هذبت بأخلاق رمضان والقرآن وسطعت عليها أنوار ربانية بدت على جباه الصائمين! ومسحت ران القلوب فتلاشت الغيبة والنميمة و توقف اللسان عن قول أو إقرار للحرام وذرفت العيون دموعا على مافرطت في جنب الله طامعة في الرحمة والمغفرة من رب رحيم رحمن عاقدة عزمها على السير في طرق الخير و مرضات الله كما تمرست في رمضان .
وداعا رمضان. كم انك كريم هبة رب كريم. تطوف على العباد فتصقلهم بمكارم الأخلاق وتعلمهم الإيثار فيؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة فتمتد الأيدي بما استطاعت من عون لمحتاج أو مسكين كان في حاجة أخيه.
أبكيك رمضان بلياليك العطرة و بالقيام والقران وذكر الرحمن.
ابكيك رمضان يامن روضت نفسي على الصفاء والزهد و البعد عما يغضب الله من قول وعمل.
أبكيك رمضان يامن ألفت بين القلوب فتخلصت من السوء واقبلت متحابة في الله وتفرقت على حب الله وجمعت الأحبة على موائدك !
نعم إقرار من عبد فقير أن شهر رمضان هو افضل الشهور. قد زاد فيه رزق العباد وبارك الله فيه ففاض وكفى.
رمضان حبك ليس له مثيل وفراقك لايحتمله حبيب...لكنها سنة الله ان كل من له بداية له نهاية و لا يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال والاكرام.
وها أنا اقف في آخر محطات الشهر الكريم مودعا له و متعهدا لله أن رمضان بكل دروسه واخلاقه لن يفارق روحي ونفسي وبكل ما عودني سأظل أحياه عاملا به باقيا على العهد داعيا الله لي ولكل أهلي وإخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يتقبل منا الصيام والقيام وان يثبتنا على دينه وان نكون ممن فازوا بغفرانه ورحمته و أن نكون ممن اعتق رقابهم من النار.
سلام رمضان ودعوات إلى الله أن يعيدك علينا سنين وسنين ونحن سالمين من فتن أضحت كقطع الليل المظلم.
سلام رمضان وقبل أن ترحل ادعو الله ان يوحد صفوف الأمة وكلمتها و يكشف الغمة وينصر جندها ويأخذ عدوها و من يتآمر عليها .
وإن يجعل بلادها سخاء رخاء أمنا أمانا فأنت ولي ذلك والقادر عليه.
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وكل عام وانتم جميعا بخير ....اعاده الله علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات.
الكاتب والشاعر د زين العابدين فتح الله
تعليقات