بقلم الشاعر والأديب المبدع / عماد سالم أبو العطا
في زاوية مُعتمة من هذا العالم حيث لا ضوء إلا من شمعة أمل باهتة
تقف خيام النازحين كأنها قلاع مُهترئة تُصارع زحف الماء والرياح
خيام ضعيفة لا جُدران لها
ولا سقف يصُد الرياح القاسية
تبتلعها الأمطار مثلما يبتلع الحُزن قلوب ساكنيها
بينما تمتد الأيادي المرتعشة تُحاول إنقاذ حلم صغير بالدفء والحياة
كيف لبحر أن يكون رمزاً للحياة في مكان
وفي آخر يكون قاتلاً صامتاً؟
كيف لمطر أن يكون رحمة هُنا
ولعنة هُناك؟
كل شيء هُناك يسأل بلا إجابة
أسئلة تضرب ضمائرنا
وتذكرنا بأن هذا البؤس من صُنع أيدينا نحن البشر
المطر يهطل كدموع السماء لا ينقطع وكأنهُ يبكي معهُم
على حال بات مرسوماً بالوجع
مياه البحر تتسلل بخُبث تزحف تحت الخيام لتسرق ما تبقى من دفء والرياح تئن وتصرخ كأنها تحمل في صوتها شكوى الأطفال الذين لم يعرفوا يوماً معنى الأمان
ما أشد ألم الرياح حين تصير أصواتها نشيد الحُزن
خيام لا تقي من البرد ولا ترد الغرق
وهناك قصص لا تُحكى وأرواح تفتقد حتى للحق في الحلم
هُناك طفل صغير يرتجف يسأل بعينيه دون أن ينطق
لماذا نحن هنا؟
لماذا سرقتنا الأمواج بعيداً عن وطننا؟
وأم تحضن أطفالها تُغطيهم بردائها البالي
وسط هذا المشهد المأساوي
يرتفع صوت بُكاء الأطفال
تناشد السماء أن تهدأ
أن تتوقف عن غضبها
فهل تستجيب السماء؟
وهل يُشرق الأمل في قلوب غمرتها مياه اليأس؟
يا ليت الأرض تنبض رحمة والسماء ترأف بحال من حملتهم الرياح إلى أرض غريبة
فصارت غربتهم ضعفاً
ونزوحهم وجعاً
وخيامهم شاهداً صامتاً على مُعاناة لا تنتهي
في تلك الخيام يموت الأمل لكنهُ لا يُدفن
يبقى حياً في القلوب التي لا تعرف الاستسلام
لا يملك النازحون سوى السماء لينظروا إليها
ربما دُعاء يصعد ليخترق الغيوم
ربما رجاء بأن يهدأ الموج
أن تخمد الرياح
أن يعودوا يوماً إلى أرض كانت لهم حيث لا خيام ولا خوف
فقط وطن يحتضنهم كما تحتضن الأم طفلها
أيها العالم أما زلت صامتاً؟
أما زلت تقف بعيداً تُراقب بصمت
كأن هذه الحياة المُمزقة لا تعنيك؟ خيام النازحين ليست مُجرد أقمشة
إنها أرواح تصرخ طلباً للنجاة
إنها شهادة على قسوة الإنسان والطبيعة
إلى متى سيبقى هذا المشهد قائماً وإلى متى ستبقى الخيام وحدها تحكي عن جرح لا يندمل
رغم كل شيء تستمر العيون في النظر نحو الأفق
تبحث عن نور قد يأتي في نهاية العاصفة
عماد سالم ابوالعطا
تعليقات