بقلم المفكر والأديب / د . علوى القاضى

«(:)»مجالس القاضى الرمضانية«(:)»
          المجلس الثامن والعشرون
إدارة : د/علوي القاضي.
... بدأت مسابقة تحفيظ القرٱن الكريم بتلاوات من ٱيات الذكر الحكيم ، طلبها الممتحنون من المتسابقين ، وكانت تجمعها كلمة (جنود الله) سبحانه فكانت ملهمة لدرس اليوم 
... بعد حمد الله والثناء عليه بإسمه المعين الناصر ، والصلاة والسلام على المصطفى ، وتوحيد القصد لله ، والدعاء بالتوفيق
... أيها الأحباب استمعنا واستمتعنا بالٱيات:
.. (وَمَايَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّاهُوَ ۚ وَمَاهِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ) ، (ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚوَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ) ، (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) ، (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) ، (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِين) ، (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)
... أيها الأحباب جنود الله لاحصر لها ومنها الظاهر لنا ومنها الخفى ، فالظاهر منها ، الجبال والنيازك والشهب والسحاب والأمطار والسيول والنيران والزلازل والبراكين والرياح والأعاصير والأمواج العاتية والحيوانات المفترسة والطيور الجارحة ، وأما الجنود المخفية فعلى رأسها الملائكة والأوبئة والفيروسات والميكروبات
... كل هذه الجنود لتنفيذ قضاءه وقدره فى البشر سواء خيرا أم شرا ، فلايتحرك جبل أوصخر إلابإذنه ، ولاتتحرك ريح عاصفة إلا بإذنه ، ولايهجم حيوان مفترس على فريسته إلا بإذن الله ، ولله فى خلقه شئوون ، فإن أراد الله إنفاذ أمر سلب من ذوى العقول عقولهم ، وأمر جنوده بتنفيذ أمره وقضاءه وقدره ، سواء كان فيه مصلحة للبشر أم لا
... ومن الٱيات نجد أن الله سبحانه أنزل سكينته على النبى والمؤمنين وملائكة تحارب معهم ، وسخر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير ، وكلنا يعلم أن الجن نقل عرش بلقيس ودور الهدهد ، وأرسل الريح على أقوام فعصفت بهم وهكذا تتعدد جنود الله سبحانه ظاهرة وخفية  
... والأوبئة والميكروبات والفيروسات من جنود ربك الغير ظاهرة ، ووباء ( كورونا) ليس منا ببعيد ، وكلنا يعلم كم حصد من البشر ، فكانت مصائب قوم عند قوم فوائد ، وكان لله سبحانه حكمة من هذا الوباء ، فهناك مفاهيم وقناعات وفلسفات وأساطير سقطت وتغيرت عند وباء كورونا ،،، سقطت كل (الاقنعة) والفلسفات وتعرى الإنسان من مزاعمه وأفكاره وقناعاته ،،، سقط (الأغنياء) بأموالهم أمام الفيروس وظهر عجزهم ، والأموال عجزت أن تصنع السعادة والحماية ، وحينها تساوي الغني والفقير ، وضاعت نصف ثروات العالم بحثا عن العلاج والحماية ،،، وسقطت ظاهرة (العظماء) ، الكل تساوي ، وإختفى VIP ، وإختفى من القاموس ألفاظ كثيرة ، (جلالتك وسموك وسعادتك وحضرتك وسيادتك وجنابك وفخامتك ومعاليك) ، الكل جرد من ألقابه وبلاحماية وبلاجاه وبلاسلطة وبلاعزوة ،،، وسقطت كلمة (انا رجل مهم) , (ماتعرفش أنا مين) بكل تبعاتها ، أهميتك راحت ، وتحكمك ، وسلطانك لاقيمة له ، وأصبحت في البيت متخفي وراء (ماسك وجوانتي) ، لاأحد يسأل عنك ولاعن وجاهتك ولامظاهرك الكاذبة ،،، وسقطت أسطورة (الملكية) ، لايوجد معني ولاقيمه لأملاكك (سيارتك عمارتك) ،،، سقطت فكرة (العمر) ، وبقي (الموت) الغائب أصلا عن بالنا ، أقرب لنا من أنفاسنا وبعد ماكنا نحتفل بأعياد الميلاد ، أصبح الموت علي بالنا ويهددنا كل لحظة ،،، سقطت مظاهر (الخناقات والمشاحنات) ، نتخانق مع مين ، وعلي إيه ، وليه ، وإزاي ؟! لأن خلافاتنا قصرت أيامنا ، وضيعت عمرنا في الكراهية والغل والحقد والحسد والظلم ،،، سقطت فلسفة (باكر) سأفعل كذا ، وبعده سأفعل كذا ، الإثنين أصبح زي الثلاثاء ، والأربعاء أصبح زي الخميس ، كل يوم زي التاني لاعمل غير الأكل وفرجة علي التليفزيون ومواقع التواصل ،،، سقطت منظومة (العلم) ، اللي كان فاكر نفسه علامه ويقدر بعلمه علي كل شيء ، أصبح عاجزا أمام فيروس ، حتى العلماء الملحدين اللي كفروا بالله وكلامه ، تراجعوا ودعوه يعينهم على الخروج ،،، سقطت منظومة (التأمين) ، إيه ممكن يأمن مستقبلك ومستقبل أولادك ؟! لايوجد  غير ستر الله وحمايته ، ومفيش مكان تهرب له ،  حتي السفر مش موجود ،،، لأنه سقطت صورة (الدول العظمي) وسفر الأحلام ، لاباسبورات ولاتأشيرات لأمريكا ولاكندا ولاأوروبا نافعة ، لأن بلاد الأحلام أصبحت بلاد للوباء والموت ،  وفقدوا المستقبل المشرق وانتهت الأحلام  
...كل الأحداث إنتهت خلاص بحلوها ومرها ، علشان كده بقول لكم تعلموا الدرس من أحقر جندى من جنود الله ( الفيروس) ، متفكروش فى بكره خالص ، إعلم أن ربنا كبير وقادر علي كل شئ ، وقادر إنه يسخر لنا جنوده ، ويرفع عنا البلاء والوباء والغلاء ، ويكون عندنا روح التغيير ، فى الفكر وفى ثقافة ونمط الحياة ، وفى الأهداف والأسلوب ، فنحن ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ متناقض ومنافق غارق ﻓﻲ ﺣُﺐ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫر الدنيوية ! ، فلنؤمن بأن النعم وسيلة وليست غاية ،،، والتكيف ضرورى على الوضع العالمى الجديد ، مايسمى (النيونورم) كثقافة جديده بعد الوباء ، ويقصد به ، التعود على لبس الكمامة ، والتحصين ، والنظافة الفائقة ، وعدم المخالطة ، والحرص الشديد في الأماكن المزدحمة ، فهي لم تكن محور إهتمامنا من قبل ، والآن أصبحت شيء طبيعي ، وهناك أمور ستقابلها وتأقلم عليها وإعتبرها شيء طبيعي ،،، (المرض) وهو من جنود الله ، يتسلل إليك وإن اختلفت شدته ،،، ويجب أن تشكر الله أنك تستطيع (السير) ، وتعود علي ذلك برضاء نفس ،،، ولاتهتم بنظرة الناس عندما ينادونك ب(الحاج)  وكأنك آيل للسقوط ويهمون بمساعدتك ، هذا وضعك الطبيعي الجديد فتعود عليه ،،، أولادك لاتظن أنهم سيكونون رهن إشارتك ، كبروا أيضا فلاتنتظر منهم الكثير ،،، وتعود أن لاتطلب معونة من أحد غير الله   
... ستقضى باقي عمرك مع (زوجتك) وهي في مثل عمرك ، وتمر بنفس ماتمر به ، وقد تكون أكثر منك وجعا وضعفا ، فكن رحيما فيما تطلب ، وأنيسا حين تطلب منك شيئا ، واسمع لها جيدا ولاتفعل مايضايقها لأنك أنت من ستدفع الثمن ، لوبعدت عنك 
. . اخبار (الوفيات) متكررة ، فلا تبتئس كثيرا ، فهذه سنة الحياة ، فالموت ليس ببعيد عن أحد ، وادع الله بحسن الخاتمة ،،، واختار (صديق)  لايزعجك ، ولايطمع فيك ، وتأنس به ويأنس بك ،،، وإختار (العمل) الذي يشغل وقتك دون إجهاد ، أومزيد من الآلام وفي مجال خبرتك ،،، ولاتنجرف نحو (مغريات) الدنيا حتى لاتشغل قلبك عن الله 
... اللهم إن هذا الوباء جند من جندك ، تصيب به من تشاء من خلقك بقدرتك ، وتصرفه عمن تشاء منهم برحمتك ، فاصرفه عنا برحمتك وفضلك وعفوك ، واصرفه عن جميع المسلمين بقوتك وقدرتك ، ياأرحم الراحمين ، ‏اللّهم إن هذا الوباء قد غدا من حولنا وأمره بين يديك ، فحِل بيننا وبينه بلطفك وسترك وعفوك ورحمتك ، واحمِنا من شره وبلائه ، إنّك على كل شيءٍ قدير وأثلج صدورنا بزواله ياقادر يامُقتدر ،،، ٱمين
... تحياتي ...


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الشاعرة المبدعة / هالة خالد بلبوص

بقلم الشاعر المبدع / محمد راتب البطاينة

بقلم الشاعر المبدع / على المحمد