بقلم المفكر والأديب / د . علوى القاضى
«(:)»مجالس القاضى الرمضانية«(:)»
المجلس الثامن عشر
إدارة : د/علوى القاضى.
... بدأ المجلس بتلاوة من القرٱن الكريم وكانت سورة (الكهف) فى صدر التلاوة وكانت ملهمة لى ففيها دروس تربوية للمسلم
... وبعد حمد الله ، والثناء عليه بأسماءه الحسنى ، والصلاة والسلام على نبيه المصطفى ، والدعاء بالتوفيق ، وتوحيد القصد لله ، بدأت الدرس
... أيها الأحبة ، إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ، لماذا ؟! ، لأنه منهج حياة كامل شامل ، يصلح لكل زمان ومكان ، فمن حكم به عدل ، ومن حلف به صدق ، ومن جعله أمامه قاده إلي الجنة ، ومن جعله خلفه ساقه إلي النار ، وهو يعلوا ولايعلى عليه
... ومن منهج القرٱن التربوي ماجاء في سورة الكهف وهي مليئة بالدروس التربويه للإنسان في حياته ، اللاءات التسع في سورة الكهف :
(١) في حواراتك مع الناس ، لاتدعي إمتلاك الحقيقة ، ولاتجادل جدالاً عقيماً زُرع في تربة الجهل وسقي بماء الظنون (فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّامِرَآءً ظَٰهِرًا)
(٢) فيما يُشكل عليك من أمور ، لاتطلب الفتيا من شخص غابت عنه حقيقة ذاك الشيء ، (وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا)
(٣) وأنت ترسم لحظاتك القادمة لاتعِدْ نفسك أوغيرك بعمل شيء في المستقبل دون أن تعلق الأمر على مشيئة الله (وَلَاتَقُولَنَّ لِشَا۟ىْءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا , إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ)
(٤) وأنت تسير في قافلة الصالحين لاتصرف نظرك عنهم إلى غيرهم طمعاً في دنيا تصيبها (وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا)
(٥) تعرّف على العنوان الذي كتبت نفسك تحته ، وتخفف من كل شيء لايقربك إلى الله ، لأنه يشغلك عن السعي إليه وحينئذ لاتُطِعْ من كان غافلا عن ذكر الله ، وآثَرَ هواه على طاعة مولاه ، وصار أمره في جميع أعماله ضياعًا وهلاكًا (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُۥ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُۥ فُرُطًا)
(٦) في ممارستك لفضولك المعرفي لاتستعجل السؤال عن شيء قبل أن تُستكمل لك تفاصيله (فلَا تَسْـَٔلْنِى عَن شَىْءٍ حَتَّىٰٓ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا)
(٧) وأنت تطور إتجاهاتك نحو الناس تذكر أنهم بشر فلاتحاسبهم على سهوهم ونسيانهم أو مااستُكرهوا عليه (لا تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ)
(٨) هناك طاقة إستيعابية لكل فرد ، فلاتطلب منه مالايستطع ولاتحمّله مالايطيق (وَلَاتُرْهِقْنِى مِنْ أَمْرِى عُسْرًا)
(٩) في بناء علاقات قيمة لاتصاحب من إستنفذت معه مقومات الديمومة ، (فَلاتُصاحِبني قَد بَلَغتَ مِن لَدُنّي عُذرًا)
... اللهم ذكرنا من القرٱن مانسينا وعلمنا منه ماجهلنا
... وقد نبهنا القرٱن إلى ذنوب الخلوات (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا ، وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) فإن الشياطين تستهوى الإنسان فى خلواته وتدعوه إلى الرذيلة لذلك حذرنا القرٱن من ذنوب الخلوات وحثنا على أن نحولها إلى طاعات ، لذلك من أسوأ مايبتلي به الإنسان في حياته هو ذنوب الخلوات ، لأن الرقيب عليه هو الواحد الأحد ، ومن أرقي العبادات هي عبادة الخلوات لأنها خالصه لله وحده ، واتفق الصالحون علي أن الإصرار علي ذنوب الخلوات يؤدي إلي إنتكاسة المُلتزمين ، وعدم توفيق من يريد التوبة والهداية ، وعدم الخشوع في الصلاة والطاعات ، والضيق والهم بلاسبب ، وبغض الناس لك ونفورهم عنّك وسقوطك من أُعينهم ، وهوانك عليهم وعدم توفيقك في أعمالك ، والضيق في الرزق
... يُروى في الأثر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال (إتقوا الله في الخلوات فإن الشاهد هو الحاكم)
... وأجمع العارفون بالله بأن ذنوب الخلوات هي أصل الإنتكاسات ، وأن عبادات الخفاء هي أعظم أسباب الثبات
... ويقول إبن رجب الحنبلي عليه رحمة الله (خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لايطلع عليها الناس) ، أجارنا الله وإياكم من هذة الدسيسة الخطيرة ، ومايميز العبادة فى الخلوات أن في الخلوة مع الله ، يمكنك الإعتراف بالخطيئة دون أن تخاف من تبعات الإعتراف لأنه يحب منك الإعتراف بالإقتراف ليقول لك سترتها عليك ولواستغفرتنى غفرتها لك ، ماأجلّك ياألله !
... في الخلوة مع الله لاتحتاج لأن تكون صاحب عبارة منمقة وحجة دامغة لتنال طلبك ، فهو يعلم بحاجتك قبل سؤالك فناجيه بأى لغة حتى ولوبدموع عينيك فهو سبحانه مطلع على سريرتك ، ماأقربك ياالله
... في الخلوة مع الله لاتحتاج للإعتذار بسبب تكرار الموضوع فهو يحب المُلحّين ، ماأعظمك ياألله
... في الخلوة مع الله لن تصاب بالإحراج لودمعت عينك أوتلعثمت كلماتك فالضعف بين يديه قوة وعزة ، ماألطفك ياالله
... في الخلوة مع الله لاتحتاج إلى إعتذار لإطالة اللقاء لأنه يحبك ويحب مناجاتك ولن تجد من يقول لك المقابلة إنتهت ولن يمل الله حتى تمل أنت ماأرحمك ياالله
... اللهم لاتحرمنا مناجاتك ووفقنا للقرب منك واجعل أسعد لحظات حياتنا لحظة الخلوة معك والسجود بين يديك
... وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
... تحياتي ...
تعليقات