بقلم الشاعر المبدع / د . خالد القط

**سلسلة مقالات : في العقيدة الإسلامية**

**قال الله تعالى ( قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (يوسف / 108)**

**.**

**المقالة الحادية عشرة : الإيمان بالكتـب السماوية**

يعد الإيمان بالكتب السماوية أصل من أصول العقيدة الإسلامية ، وركن من أركان الإيمان، ولا يصح إيمان أحد إلا إذا آمن بالكتب التي أنزلها الله U على رسله عليهم الصلاة والسلام .

ولأهميته هذا الركن ووجوب الإيمان بالكتب الإلهية جميعا فإن الله تعالى أمر المؤمنين بأن يؤمنوا بكل ما أنزله الله تعالى على رسله كما في قوله تعالى:

( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (البقرة: 136).وقوله تعالى: ( وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ) (الشورى: 15).

ومن السنة النبوية : قول الرسول الكريم r كما في حديث جبريل المشهور عندما سأله عن الإيمان قال: " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ...".

ومن هنا فإن من أنكر شيئاً مما أنزله الله U فهو خارج عن ملة الإسلام كما قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً ﴾ ( النساء: 136).
**.**

**المسألة الأولى – التعريف بالكتب السماوية**

**الكتب السماوية :** هي الكتب والصحف التي حوت كلام الله تعالى الذي أوحاه إلى رسله عليهم السلام رحمة للخلق، وهداية لهم؛ ليصلوا بها إلى سعادة الدنيا والآخرة سواء ما ألقاه مكتوباً كالتوراة، أو أنزله عن طريق الملك مشافهة فكتب بعد ذلك كسائر الكتب .

.

**المسألة الثانية – معنى الإيمان بالكتب السماوية جملة وتفصيلا**
الإيمان بالكتب السماوية جملة وتفصيلا يقصد به :" التصديق الجازم الأكيد بأن لله تعالى كتباً أنزلها على أنبيائه ورسله وهي من كلامه تعالى حقيقة ، وقد اشتملت على الأوامر والنواهي الشرعية والقيم والأخلاق والعقائد والعبادات والمعاملات والحدود والنور والهدى، وما يحقق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة ، وكل ما احتوته حق وصدق ولا يعلم عددها إلا الله تعالى الذي أنزلها رب العزة سبحانه وتعالى " .

.

**المسألة الثالثة – الحكمة من إنزال الكتب السماوية**

أجمع علماء الأمة على أن الكتب السماوية **قد أنزلت كلُّها لغايةٍ واحدةٍ ألا وهي** **: أن يُعْبَدَ الله تعالى وحده لا شريك له، ولتكون منهج حياة للبشر الذين يعيشون في هذه الأرض**، تقودهم بما فيها من هداية إلى كل خير، ولتكون روحاً ونوراً تحيي نفوسهم ، وتكشف ظلماتها، وتنير لهم دروب الحياة كلها.

كما أجمعوا على أن الإيمان بالكتب السابقة إيمانا مجملا يكون بالإقرار به بالقلب واللسان، أما الإيمان بالقرآن الكريم فإنه إيمان مفصل يكون بالإقرار به بالقلب واللسان، واتباع ما جاء فيه ، وتحكيمه في كل صغيرة وكبيرة ، والإيمان بأنه كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود .
.

**المسألة الرابعة : ذكر ما عرف من الكتب السماوية بصريح القرآن الكريم**

الكتب السماوية التي أنزلها الله تعالى على رسله – عبر تاريخ الإنسانية الطويل – كثيرة ، ولعل ما ذكر منها وجاء بصريح القرآن ما يأتي :

**1- التوراة** :
التوراة هي الكتاب الذي أنزله الله تعالى على سيدنا موسى عليه السلام مشتملة على النور والهداية كما قال تعالى في محكم التنزيل ) إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ( (المائدة: 44).
وقوله تعالى:) ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ( (الأنعام: 154)

**2- الإنجيل** :
هو الكتاب الذي أنزله الله U على سيدنا عيسى عليه السلام متمماً للتوراة، ومؤيداً لها، وموافقاً لها في أكثر الأمور الشرعية، يهدي إلى الصراط المستقيم، ويبين الحق من الباطل، ويدعو إلى عبادة الله تعالى وحده دون من سواه .

**3- الزبور :**

هو كتاب الله تعالى الذي أنزله على نبيه داود عليه السلام. قال تعالى: ) وآتينا داود زبوراً (( النساء/ 163) .

فالزبور كتاب داود عليه السلام ، وكان مائة وخمسين سورة ليس فيها حكم ولا حلال ولا حرام، وإنما هو حِكَم ومواعظ.. وكان داود عليه السلام حسن الصوت، فإذا أخذ في قراءة الزبور اجتمع إليه الإنس والجن والطير والوحوش لحسن صوته.. قال تعالى ) وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ((سبأ:١٠) ، والفضل الذي أعطاه الله تعالى هو: النبوة والزبور والعلم والقوة وتسخير الجبال والحكم بالعدل وإلانة الحديد والصوت الحسن .

**4- صحف إبراهيم عليه السلام : **صحف إبراهيم عليه السلام هي تلك الصحف التي أنزلها الله تعالى على سيدنا إبراهيم عليه السلام ، وغالب ما جاء فيها كما قال أهل العلم :

أنها مواعظ وحكم وعبر .

وقد جاء ذكر هذه الصحف في عدد من آيات القرآن الكريم منها :

قوله تعالى ) قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (( البقرة/136 )
وقوله عز وجل :)قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ( ( آل عمران/84 ).

.

**المسألة الخامسة – ثمرات الإيمان بالكتب السماوية .**

أجمع العلماء على أن للإيمان بالكتب السماوية آثاره العظيمة منها :
1- شكر الله تعالى على لطفه بخلقه وعنايته بهم حيث أنزل إليهم الكتب المتضمنة إرشادهم لما فيه خيرهم وصلاحهم في الدنيا والآخرة.
2- ظهور حكمة الله تعالى حيث شرع في هذه الكتب لكل أمة ما يناسبها، وكان خاتم الكتب القرآن العظيم مناسبا لجميع الخلق في كل عصر ومصر إلى قيام الساعة.
3- إثبات صفة الكلام لله تعالى وأن كلامه لا يشبه كلام المخلوقين، وعجز المخلوقين عن الإتيان بمثل كلامه.
4- العلم بعناية الله؛ حيث أنزل لكل قوم كتاباً يهديهم به...
5- السير على طريق مستقيمة واضحةٍ لا اضطراب فيها ولا اعوجاج.
6- الفرح بذلك الخير العظيم ) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ( [يونس: 58]
7- شكر الله على هذه النعمة العظيمة .
8- التحرر من التخبط الفكري والعقدي .

**وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم**

**إعداد أد/ خالد عباس القط**


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بقلم الشاعرة المبدعة / هالة خالد بلبوص

بقلم الشاعر المبدع / محمد راتب البطاينة

بقلم الشاعر المبدع / على المحمد